هل تقود "رايةُ الإصلاح" سلفيَّةَ الشَّيخ ربيع في الجزائر إلى التَّكفير (؟!)
تحليل موقفها من سلفيَّة الشَّام باستخراج علله الخفيَّة
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله وحده، و الصَّلاة و السَّلام على من لا نبيَّ بعده.
أمَّا بعد؛فمن المعلوم أنَّ النَّاس رهن لشروطهم، و المرء سجين كلمته،فما بالك إن كانت أصولا علميَّة و قواعد منهجيَّة.
و منهج النَّقد ، نقد المذاهب و العلماء يجب أن يكون جامعا مانعا بقدر المستطاع دفعا للتَّناقض و لاختلاف الموازين الَّذي يقع بسببه الظُّلم على النَّاس، و التَّعدي على الحقِّ بإقراره في ظرف، و إبطاله في ظرف آخر.
و على العلماء طرد أصولهم حتَّى تكون مانعة بمعنى مانعة من أن يدخل فيها ما ليس منها،و الطَّرد هو التَّلازم في الإثبات،فإن اختل الطَّرد وقع التَّناقض لا محالة، و التَّناقض يستلزم حتما بطلان أحد طرفي القضيَّة أو القول.
أقول هذا لأنَّه قد صدر عن جمعيَّة "راية الإصلاح" من مدَّة بيانٌ نشرته جريدة الشُّروق (الجزائريَّة) جاء جوابا عن قول أحدهم: "السَّلفيَّة خطر على الجزائر" (؟).
لكن بالنَّظر إلى مواقف هذه الجمعيَّة الضَّبابيَّة و المنحازة بشكل غير مفهوم، ولا معلَّل إلى الشَّيخ ربيع المدخلي ـ سدَّده الله ـ على حساب غيره من السَّلفيِّين كمدرسة الشَّيخ الألباني و تلامذته في الشَّام وغيره ، تبرز عدَّةُ احتمالات وجيهة تدلُّ بشكل أو بآخر أنَّها فعلا تقود الجزائر إلى الخطر ،وهي لا تشعر ، لأنَّها تسير ـ نظرا لمواقفها ـ بأتباع الشَّيخ ربيع نحو ما تسميه "التَّكفير" ،أو عدم الاستقرار المنهجي الَّذي يُسهِّل عمليَّة تحوُّلهم إلى هذا التَّكفير كيف ذلك (؟)
1 ـ في رحلتي هذا الأسبوع (الاثنين 28/01/2013) إلى الجزائر العاصمة التقيت ببعض الشَّباب السَّلفيِّ ،فأثار انتباهي أنَّهم يواجهون في حديثهم مع أنصار التَّكفير مطالبةً حثيثة بوجوب طرد أصولهم في البدعة في قضايا التَّكفير لأنَّ الأصل الَّذي يرجع إليه التَّبديع هو نفسه الَّذي يرجع إليه التَّكفير، وأنَّهم في مواقفهم التَّبديعيَّة متناقضون مع مواقفهم في التَّكفير ،وليس هذا بمنهج علميٍّ سليم فضلا على أن يكون سلفيًّا.
فإذا كان التَّكفير عند أهل السُّنَّة قائما على مجموعة ضوابط منها على سبيل الإجمال:
ضرورة التَّفريق بين الكلام عن الفعل أو القول ،و بين الكلام عن الفاعل أو القائل ، لأنَّ المكلف قد يكون معذورا ، فقد يكون جاهلا ببعض المسائل ،وقد يكون متأوِّلا،وقد يكون لم تبلغه الحجَّة بالكيفيَّة الصَّحيحة الَّتي يصير بها معاندًا أو جاحدًا .
فكذلك في التَّبديع يعمل أهل السُّنَّة بنفس الأصل بالضَّبط، بينما نجد الشَّيخ ربيعا يُبدِّع بالبدعة الواحدة على فرض أنَّها بدعة (؟!)
و بالخطأ الواحد (؟!)
و بما لم يسبق للسَّلف أن بدَّعوا به (؟!)
ولا يفرِّق بين القول و القائل (؟!)
ولا ينظر في دليل مخالفه (؟!)
ولا يُقيم حجَّة صحيحة،فكلامه يغالب عليه الضَّعف و العاطفة و المصادرة على المطلوب(؟!)
ويجعل السُّنِّيَّ أضلَّ من الخوارج و الرَّافضة،و يُحكِّم فيهم ما قيل في أصحاب وحدة الوجود(؟!).
ولا يفرِّق بين مراتب البدع ونوعها خلافا لإجماع أهل السُّنَّة (؟!)
ومع ذلك تناصره جمعيَّة "راية الإصلاح" على ذلك ، فهي تفتح بذلك باب التَّكفير على أتباعه في الجزائر، وتُسهِّل لهم وُلوجه، إذ يكفيهم طرد أصولهم لأنَّ التَّبديع بمطلق الخطأ أو بمطلق البدعة كالتَّكفير بمطلق الحكم بغير الشَّريعة، و بمطلق الموالاة ليصبح عندهم التَّكفير الَّذي يحذِّرون منه نتيجةً حتمية لمنهج تناصره جمعيَّةُ "راية الإصلاح" زاعمةً أنَّها تتبرأ من التَّكفير الَّذي يُشكِّل خطرا على الجزائر، كما جاء في بيانها (؟!)
وإذا كان الحكم على المسلم بالبدعة خاضعًا لنفس القواعد للحكم عليه بالكفر،وكان الأصل عند أهل السُّنَّة أنَّ من ثبت إسلامه بيقين فلا يخرج منه بشكٍّ، أي: إلاَّ بدليل شرعيٍّ يقينيِّ هو الأصل المعمول به في تبديعه وإخراجه من السُّنَّة ،وإلاَّ كيف نفسِّر عدم تبديع كثير من علماء السُّنَّة مع أنَّهم وقعوا في بدع (واضحة) حسب تعبير الشَّيخ ربيع (؟!)
وإذا كانت القاعدة كما قال ابن تيميَّة ـ رحمه الله ـ : ((من خالف الكتاب المستبين، و السُّنَّة المستفيضة،أو ما أجمع عليه سلف الأمَّة خلافا لا يعذر فيه،فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع))
وقال في ( المجموع){242/35}: (( و البدعة الَّتي يعد بها الرَّجل من أهل الأهواء ما اشتهر عند أهل العلم بالسُّنَّة مخالفتها للكتاب و السُّنَّة، كبدعة الخوارج و الرَّوافض و القدريَّة و المرجئة)).
فعلى من تنطبق هذه الضَّوابط ممَّن بدَّعهم الشَّيخ ربيع (؟!)
هل تنطبق ـ مثلا ـ على أهل الشَّام من تلاميذ الشَّيخ الألباني (؟!)
وإذا قال لنا الشَّيخ ربيع في ( المحجة البيضاء) : (( فإذا وقع في بدعة واضحة مثل ما فصَّلنا لكم هذا - بارك الله فيكم - يحكم عليه بالضَّلال))
وأردنا أن نطبِّق هذه القاعدة البدعيَّة بحذافيرها دون اعتبار لأصول القضيَّة عند أهل السُّنَّة، والمتمثِّلة في شروط لحوق الوعيد و التَّفسيق و التَّكفير و التَّبديع، فإنَّنا سنقع في عقيدة الخوارج في التَّكفير حتما.
وإذا عرفنا أنَّ المحكم عند السَّلف هو الأمر و النَّهي، و المتشابه هو الوعد و الوعيد، علمنا بيقين أنَّ الشَّيخ ربيعا تشابه عليه أمر الوعد و الوعيد، كما تشابه على جميع أعضاء راية الإصلاح (إن أحسنا الظَّنَّ بهم).
وهنا نسأل جمعيَّة "راية الإصلاح": هل يمتُّ هذا القول أو الأصل البدعيُّ الَّذي أصَّله الشَّيخ ربيع لمنهج أهل السُّنَّة بصلة (؟!)
وأين اشترط أهل السُّنَّة في البدعة أن تكون واضحة أو خفيَّة، وقد علمنا أنَّ الوضوح و الخفاء كالإحكام و التَّشابه أمر نسبيٌّ يتفاوت من شخص لآخر بحسب مبلغه من العلم(؟!)
وقد يخفى على الرَّجل البارز في العلم الإجماع،و المتواتر،فكيف بما هو أقلُّ من هذا (؟)
وهل القول بالموازنة عند التَّرجمة بدعة واضحة،و الشَّيخ ربيع نفسه يقول بها كما في شرحه لرسالة ابن رجب ( الفرق بين النَّصيحة و التَّعيير) حيث ذكر حسنات فرعون و إبليس (؟)
وهل حمل المجمل على المفصَّل من كلام النَّاس بدعة واضحة،و العجيب أنَّه قتل العقل و الفطرة إذ جعل البديهي بدعةً(؟)
وهل القول بتصحيح أخطا أهل السُّنَّة بدون تجريح بدعة واضحة،أي نقد الأخطاء لا يلزم منه ضرورةً تضليلهم و تبديعهم (؟)
وهل ردُّ الجرح المفسَّر تفسيرا غير مقنع بدعة واضحة (؟)
وعليه،فإنَّ الأصول الَّتي تدعو إليها جمعيَّة "راية الإصلاح" و تناصرها في قضايا الجرح و التَّعديل على حساب الضَّرورة الشَّرعيَّة و الفطريَّة و العقليَّة لا توافق أصول أهل السُّنَّة في التَّكفير، بل توافق وتنسجم مع أصول الخوارج ومنهجهم التَّكفيري.
فهناك تضارب وتناقض واضح بين مذهبهم في الجرح و التَّعديل ومذهبهم في الإيمان.
ومعلوم أنَّ التَّبديع كالتَّكفير و التَّفسيق و التَّحريم يرجع لنفس الأصل الَّذي بحثه أهل السُّنَّة في الأسماء و الأحكام .
وهل نستنتج من هذا أنَّ أعضاء جمعيَّة "راية الإصلاح" لا يعرفون عقيدة أهل السُّنَّة في ضوابط التَّكفير و التَّبديع و التفسيق ، فينتقل أتقاهم (؟!) إلى تونس يرمي النَّاس بالفجور أم يعرفونها ولكنَّهم لحسابات أخرى لا علاقة لها بالدِّين و العلم و الحقِّ يناقضون أنفسهم فيناصرون الشَّيخ ربيعا عصبيَّةً ، ولو على حساب فتح باب التَّكفير ـ الَّذي يحذِّرون منه في كلِّ مناسبة ـ على أتباع الشَّيخ ربيع في الجزائر ،و تهيئة عقولهم للانتقال إلى الهجرة و التَّكفير، وفي أقلِّ الأخطار إضعاف موقفهم الجدلي الدَّعويِّ أمام أنصار التَّكفير (؟!)
2 ـ لم يفصح أعضاء جمعيَّة "راية الإصلاح" عن مذهبهم في الإيمان، ولكن من خلال موقفهم المنحاز مع الشَّيخ ربيع بدون تفصيل نتساءل:
هل مذهبهم فيه هو مذهب الشَّيخ ربيع الَّذي هو مذهب الشَّيخ سفر الحوالي و خلفياته أم مذهب الشَّيخ الألباني و أتباعه (؟!)
فإذا كان أتباع الشَّيخ ربيع في جميع مواقعهم على الشبكة يرمون تلاميذ الألباني بالإرجاء فهذا يعني أنَّهم على مذهب الشَّيخ سفر الحوالي، ويتبرؤون من مذهب الشَّيخ الألباني في الإيمان، فإلى أيِّ نتيجة يقودهم هذا التَّوجُّه (؟)
وهل هم جادُّون في إلصاقهم الخطر الَّذي يتهدَّد الجزائر بمذهب الشَّيخ سفر الحوالي (؟!)
وكيف ذلك، وهم على نفس المذهب الَّذي يذمُّونه (لأنَّه مذهب الشَّيخ ربيع،و الدَّليل على ذلك أنَّه تعقَّبه على كتابه "ظاهرة الإرجاء" فلم يذكر في تعقيبه أيَّ شيء يتعلَّق بمباحث الإيمان، وركَّز كلَّ تعقيبه على الاستشهاد بسيِّد قطب)، و يلصقون به مصائب البلاد الإسلاميَّة(؟)
وإذا قالوا: مسائل التَّكفير الَّتي يقول بها الشَّيخ ربيع ويعتبر لأجلها أهل الشَّام مرجئة لا علاقة لها بالخروج على الحكَّام.
قلنا لهم: كيف ذلك، و نفس هذه المسائل جعلتموها في بيانكم خطرا على الجزائر،ومقالاتكم مملوءة من التَّحذير من أصحابها،ولأجلها تسمُّونهم بالتَّكفيريِّين (؟))
وهل تقدر شعرة على إمساك صخرة متدحرجة على منحدر (؟)
عليكم بطرد أصولكم ،و قبل ذلك توضيحها للنَّاس،فالتَّناقض في العلم و الدَّعوة بشع وصفا ونتيجة،و الواجب على المسلم أن ينصر ما يعتقده حقًّا ،وإن كان مخطئا عند غيره.
أمَّا مخالفة اعتقاد التَّحريم ـ من غير اضطرار ــ فهي عند أهل السُّنَّة فسقٌ مبينٌ .
هذا وصف واقع، و إخبار عن حالة موجودة لا مفرَّ منه ،ويأبى الله إلاَّ أن يكشف المتناقض.
وللمزيد بقيةٌ إن شاء الله تعالى.
أرزيو/ الجزائر ، في 02فبراير2013م
مختار الأخضر طيباوي
تحليل موقفها من سلفيَّة الشَّام باستخراج علله الخفيَّة
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله وحده، و الصَّلاة و السَّلام على من لا نبيَّ بعده.
أمَّا بعد؛فمن المعلوم أنَّ النَّاس رهن لشروطهم، و المرء سجين كلمته،فما بالك إن كانت أصولا علميَّة و قواعد منهجيَّة.
و منهج النَّقد ، نقد المذاهب و العلماء يجب أن يكون جامعا مانعا بقدر المستطاع دفعا للتَّناقض و لاختلاف الموازين الَّذي يقع بسببه الظُّلم على النَّاس، و التَّعدي على الحقِّ بإقراره في ظرف، و إبطاله في ظرف آخر.
و على العلماء طرد أصولهم حتَّى تكون مانعة بمعنى مانعة من أن يدخل فيها ما ليس منها،و الطَّرد هو التَّلازم في الإثبات،فإن اختل الطَّرد وقع التَّناقض لا محالة، و التَّناقض يستلزم حتما بطلان أحد طرفي القضيَّة أو القول.
أقول هذا لأنَّه قد صدر عن جمعيَّة "راية الإصلاح" من مدَّة بيانٌ نشرته جريدة الشُّروق (الجزائريَّة) جاء جوابا عن قول أحدهم: "السَّلفيَّة خطر على الجزائر" (؟).
لكن بالنَّظر إلى مواقف هذه الجمعيَّة الضَّبابيَّة و المنحازة بشكل غير مفهوم، ولا معلَّل إلى الشَّيخ ربيع المدخلي ـ سدَّده الله ـ على حساب غيره من السَّلفيِّين كمدرسة الشَّيخ الألباني و تلامذته في الشَّام وغيره ، تبرز عدَّةُ احتمالات وجيهة تدلُّ بشكل أو بآخر أنَّها فعلا تقود الجزائر إلى الخطر ،وهي لا تشعر ، لأنَّها تسير ـ نظرا لمواقفها ـ بأتباع الشَّيخ ربيع نحو ما تسميه "التَّكفير" ،أو عدم الاستقرار المنهجي الَّذي يُسهِّل عمليَّة تحوُّلهم إلى هذا التَّكفير كيف ذلك (؟)
1 ـ في رحلتي هذا الأسبوع (الاثنين 28/01/2013) إلى الجزائر العاصمة التقيت ببعض الشَّباب السَّلفيِّ ،فأثار انتباهي أنَّهم يواجهون في حديثهم مع أنصار التَّكفير مطالبةً حثيثة بوجوب طرد أصولهم في البدعة في قضايا التَّكفير لأنَّ الأصل الَّذي يرجع إليه التَّبديع هو نفسه الَّذي يرجع إليه التَّكفير، وأنَّهم في مواقفهم التَّبديعيَّة متناقضون مع مواقفهم في التَّكفير ،وليس هذا بمنهج علميٍّ سليم فضلا على أن يكون سلفيًّا.
فإذا كان التَّكفير عند أهل السُّنَّة قائما على مجموعة ضوابط منها على سبيل الإجمال:
ضرورة التَّفريق بين الكلام عن الفعل أو القول ،و بين الكلام عن الفاعل أو القائل ، لأنَّ المكلف قد يكون معذورا ، فقد يكون جاهلا ببعض المسائل ،وقد يكون متأوِّلا،وقد يكون لم تبلغه الحجَّة بالكيفيَّة الصَّحيحة الَّتي يصير بها معاندًا أو جاحدًا .
فكذلك في التَّبديع يعمل أهل السُّنَّة بنفس الأصل بالضَّبط، بينما نجد الشَّيخ ربيعا يُبدِّع بالبدعة الواحدة على فرض أنَّها بدعة (؟!)
و بالخطأ الواحد (؟!)
و بما لم يسبق للسَّلف أن بدَّعوا به (؟!)
ولا يفرِّق بين القول و القائل (؟!)
ولا ينظر في دليل مخالفه (؟!)
ولا يُقيم حجَّة صحيحة،فكلامه يغالب عليه الضَّعف و العاطفة و المصادرة على المطلوب(؟!)
ويجعل السُّنِّيَّ أضلَّ من الخوارج و الرَّافضة،و يُحكِّم فيهم ما قيل في أصحاب وحدة الوجود(؟!).
ولا يفرِّق بين مراتب البدع ونوعها خلافا لإجماع أهل السُّنَّة (؟!)
ومع ذلك تناصره جمعيَّة "راية الإصلاح" على ذلك ، فهي تفتح بذلك باب التَّكفير على أتباعه في الجزائر، وتُسهِّل لهم وُلوجه، إذ يكفيهم طرد أصولهم لأنَّ التَّبديع بمطلق الخطأ أو بمطلق البدعة كالتَّكفير بمطلق الحكم بغير الشَّريعة، و بمطلق الموالاة ليصبح عندهم التَّكفير الَّذي يحذِّرون منه نتيجةً حتمية لمنهج تناصره جمعيَّةُ "راية الإصلاح" زاعمةً أنَّها تتبرأ من التَّكفير الَّذي يُشكِّل خطرا على الجزائر، كما جاء في بيانها (؟!)
وإذا كان الحكم على المسلم بالبدعة خاضعًا لنفس القواعد للحكم عليه بالكفر،وكان الأصل عند أهل السُّنَّة أنَّ من ثبت إسلامه بيقين فلا يخرج منه بشكٍّ، أي: إلاَّ بدليل شرعيٍّ يقينيِّ هو الأصل المعمول به في تبديعه وإخراجه من السُّنَّة ،وإلاَّ كيف نفسِّر عدم تبديع كثير من علماء السُّنَّة مع أنَّهم وقعوا في بدع (واضحة) حسب تعبير الشَّيخ ربيع (؟!)
وإذا كانت القاعدة كما قال ابن تيميَّة ـ رحمه الله ـ : ((من خالف الكتاب المستبين، و السُّنَّة المستفيضة،أو ما أجمع عليه سلف الأمَّة خلافا لا يعذر فيه،فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع))
وقال في ( المجموع){242/35}: (( و البدعة الَّتي يعد بها الرَّجل من أهل الأهواء ما اشتهر عند أهل العلم بالسُّنَّة مخالفتها للكتاب و السُّنَّة، كبدعة الخوارج و الرَّوافض و القدريَّة و المرجئة)).
فعلى من تنطبق هذه الضَّوابط ممَّن بدَّعهم الشَّيخ ربيع (؟!)
هل تنطبق ـ مثلا ـ على أهل الشَّام من تلاميذ الشَّيخ الألباني (؟!)
وإذا قال لنا الشَّيخ ربيع في ( المحجة البيضاء) : (( فإذا وقع في بدعة واضحة مثل ما فصَّلنا لكم هذا - بارك الله فيكم - يحكم عليه بالضَّلال))
وأردنا أن نطبِّق هذه القاعدة البدعيَّة بحذافيرها دون اعتبار لأصول القضيَّة عند أهل السُّنَّة، والمتمثِّلة في شروط لحوق الوعيد و التَّفسيق و التَّكفير و التَّبديع، فإنَّنا سنقع في عقيدة الخوارج في التَّكفير حتما.
وإذا عرفنا أنَّ المحكم عند السَّلف هو الأمر و النَّهي، و المتشابه هو الوعد و الوعيد، علمنا بيقين أنَّ الشَّيخ ربيعا تشابه عليه أمر الوعد و الوعيد، كما تشابه على جميع أعضاء راية الإصلاح (إن أحسنا الظَّنَّ بهم).
وهنا نسأل جمعيَّة "راية الإصلاح": هل يمتُّ هذا القول أو الأصل البدعيُّ الَّذي أصَّله الشَّيخ ربيع لمنهج أهل السُّنَّة بصلة (؟!)
وأين اشترط أهل السُّنَّة في البدعة أن تكون واضحة أو خفيَّة، وقد علمنا أنَّ الوضوح و الخفاء كالإحكام و التَّشابه أمر نسبيٌّ يتفاوت من شخص لآخر بحسب مبلغه من العلم(؟!)
وقد يخفى على الرَّجل البارز في العلم الإجماع،و المتواتر،فكيف بما هو أقلُّ من هذا (؟)
وهل القول بالموازنة عند التَّرجمة بدعة واضحة،و الشَّيخ ربيع نفسه يقول بها كما في شرحه لرسالة ابن رجب ( الفرق بين النَّصيحة و التَّعيير) حيث ذكر حسنات فرعون و إبليس (؟)
وهل حمل المجمل على المفصَّل من كلام النَّاس بدعة واضحة،و العجيب أنَّه قتل العقل و الفطرة إذ جعل البديهي بدعةً(؟)
وهل القول بتصحيح أخطا أهل السُّنَّة بدون تجريح بدعة واضحة،أي نقد الأخطاء لا يلزم منه ضرورةً تضليلهم و تبديعهم (؟)
وهل ردُّ الجرح المفسَّر تفسيرا غير مقنع بدعة واضحة (؟)
وعليه،فإنَّ الأصول الَّتي تدعو إليها جمعيَّة "راية الإصلاح" و تناصرها في قضايا الجرح و التَّعديل على حساب الضَّرورة الشَّرعيَّة و الفطريَّة و العقليَّة لا توافق أصول أهل السُّنَّة في التَّكفير، بل توافق وتنسجم مع أصول الخوارج ومنهجهم التَّكفيري.
فهناك تضارب وتناقض واضح بين مذهبهم في الجرح و التَّعديل ومذهبهم في الإيمان.
ومعلوم أنَّ التَّبديع كالتَّكفير و التَّفسيق و التَّحريم يرجع لنفس الأصل الَّذي بحثه أهل السُّنَّة في الأسماء و الأحكام .
وهل نستنتج من هذا أنَّ أعضاء جمعيَّة "راية الإصلاح" لا يعرفون عقيدة أهل السُّنَّة في ضوابط التَّكفير و التَّبديع و التفسيق ، فينتقل أتقاهم (؟!) إلى تونس يرمي النَّاس بالفجور أم يعرفونها ولكنَّهم لحسابات أخرى لا علاقة لها بالدِّين و العلم و الحقِّ يناقضون أنفسهم فيناصرون الشَّيخ ربيعا عصبيَّةً ، ولو على حساب فتح باب التَّكفير ـ الَّذي يحذِّرون منه في كلِّ مناسبة ـ على أتباع الشَّيخ ربيع في الجزائر ،و تهيئة عقولهم للانتقال إلى الهجرة و التَّكفير، وفي أقلِّ الأخطار إضعاف موقفهم الجدلي الدَّعويِّ أمام أنصار التَّكفير (؟!)
2 ـ لم يفصح أعضاء جمعيَّة "راية الإصلاح" عن مذهبهم في الإيمان، ولكن من خلال موقفهم المنحاز مع الشَّيخ ربيع بدون تفصيل نتساءل:
هل مذهبهم فيه هو مذهب الشَّيخ ربيع الَّذي هو مذهب الشَّيخ سفر الحوالي و خلفياته أم مذهب الشَّيخ الألباني و أتباعه (؟!)
فإذا كان أتباع الشَّيخ ربيع في جميع مواقعهم على الشبكة يرمون تلاميذ الألباني بالإرجاء فهذا يعني أنَّهم على مذهب الشَّيخ سفر الحوالي، ويتبرؤون من مذهب الشَّيخ الألباني في الإيمان، فإلى أيِّ نتيجة يقودهم هذا التَّوجُّه (؟)
وهل هم جادُّون في إلصاقهم الخطر الَّذي يتهدَّد الجزائر بمذهب الشَّيخ سفر الحوالي (؟!)
وكيف ذلك، وهم على نفس المذهب الَّذي يذمُّونه (لأنَّه مذهب الشَّيخ ربيع،و الدَّليل على ذلك أنَّه تعقَّبه على كتابه "ظاهرة الإرجاء" فلم يذكر في تعقيبه أيَّ شيء يتعلَّق بمباحث الإيمان، وركَّز كلَّ تعقيبه على الاستشهاد بسيِّد قطب)، و يلصقون به مصائب البلاد الإسلاميَّة(؟)
وإذا قالوا: مسائل التَّكفير الَّتي يقول بها الشَّيخ ربيع ويعتبر لأجلها أهل الشَّام مرجئة لا علاقة لها بالخروج على الحكَّام.
قلنا لهم: كيف ذلك، و نفس هذه المسائل جعلتموها في بيانكم خطرا على الجزائر،ومقالاتكم مملوءة من التَّحذير من أصحابها،ولأجلها تسمُّونهم بالتَّكفيريِّين (؟))
وهل تقدر شعرة على إمساك صخرة متدحرجة على منحدر (؟)
عليكم بطرد أصولكم ،و قبل ذلك توضيحها للنَّاس،فالتَّناقض في العلم و الدَّعوة بشع وصفا ونتيجة،و الواجب على المسلم أن ينصر ما يعتقده حقًّا ،وإن كان مخطئا عند غيره.
أمَّا مخالفة اعتقاد التَّحريم ـ من غير اضطرار ــ فهي عند أهل السُّنَّة فسقٌ مبينٌ .
هذا وصف واقع، و إخبار عن حالة موجودة لا مفرَّ منه ،ويأبى الله إلاَّ أن يكشف المتناقض.
وللمزيد بقيةٌ إن شاء الله تعالى.
أرزيو/ الجزائر ، في 02فبراير2013م
مختار الأخضر طيباوي